الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية دخل في اضراب جوع ومصاب بالسرطان: المحكوم بالمؤبد ماهر المناعي.. بريء مع ايقاف التنفيذ

نشر في  10 فيفري 2016  (10:20)

قرر السجين ماهر المنّاعي المحكوم بالسجن مدى الحياة بتهمة القتل، تنفيذ إضراب جوع من جديد  بسبب عدم تقدم قضيته رغم ظهور كل أدلة براءته .
ويذكر أن ماهر حاول القيام بطلب لإعادة النظر في ملفه وذلك عبر الإجراءات القانونية، إلا أن الملف بقي إلى اليوم يراوح مكانه ولم يحرز أدنى تقدم.
وبالعودة الى قضية ماهر المناعي التي لاقت صدى لا فقط في وسائل الاعلام المحلية بل والعالمية أيضا، نشير الى أن ماهر دخل السجن بتاريخ 6 سبتمبر 2003 وهو في سن العشرين وصدر ضده حكم بالإعدام في 5 جويلية  2004 ، والتهمة ارتكاب جريمة القتل العمد مع سابقية الاضمار والترصد مسبوقة بسرقة في جهة ساقية الزيت بصفاقس، حيث اتهم ماهر بطعن أحد شبان الجهة، وبعد الثورة تمتّع ماهر مثل الـ121 الآخرين من سجناء الحق العام المحكوم عليهم بالإعدام بعفو خاصّ يوم 12 جانفي 2012 قضى بتخفيف حكم الإعدام إلى السجن المؤبد وهو ما خوّل له مغادرة زنزانته الانفرادية ليلتحق ببقية المساجين..

اعترافات غيّرت مجرى القضية

 ومن حسن حظّ ماهر أنه اكتشف بعد قضائه لسنوات عديدة وراء القضبان وهو يردد أنه بريء من تهمة القتل، اكتشف الحقيقة إذ  في جانفي 2012 تمّ نقل سجين آخر يدعى بدر الدين س. من سجن صفاقس إلى سجن المرناقية لقضاء ما تبقى له من العقوبة وقد زُجّ به في نفس الزنزانة التي يوجد فيها ماهر المناعي.
 بدر الدين  انطلق حال دخوله وتعرّفه على المساجين الموجودين بالغرفة، انطلق في سرد مجموعة من الأحداث التي جدت أثناء الثورة وبعدها وكان يفخر أمام السجناء بما ارتكب من جرائم أشنع من تلك التي حوكم من أجلها. فقد أكد مثلا أنه كان شاهدا وشريكا في جريمة قتل وقعت قبل 9 سنوات في صفاقس وحوكم فيها «شخص مسكين» على سبيل الخطإ. وقد سرد المسمّى بدر الدين تفاصيل الجريمة. وهنا أحسّ ماهر المناعي وهو ينصت إلى هذه الاعترافات بأنه تجمّد وأن دمه صار ثلجا، وفهم أنّه هو المعنيّ بهذا الحديث، حيث صرح السجين بدر الدين أنه كان رفقة صديقين له يدعيان «ز» و «بولبابة س» وفتاة تدعى «ش» على متن سيارة معدة للكراء بها كمية من مادة الزطلة ومبلغ مالي يناهز 25 ألف دينار، مبيّنا أن كل من «ز « و«بولبابة» تقابلا مع شخص على متن دراجة نارية بمفترق مركز الشيحية بساقية الزيت وأن «بولبابة» اقدم على طعن هذا الشخص وقتله.
وبعد سماع هذه الحقائق الصادمة توجّه ماهر نحوه واعتدى عليه بالعنف لغاية اثبات واقعة الاعتداء وفعلا تمّ التحرير عليهما من طرف ادارة السجن المدني بالمرناقية وقد اعترف المسمى بدر الدين بوقائع الجريمة، وبأن «بولبابة» هو من اقترف جريمة القتل بصفاقس، مع العلم أن «بولبابة» قد فرّ من سجن صفاقس وموجود حاليا بايطاليا.

براءة مع ايقاف التنفيذ

ورغم هذا الاعتراف الذي يبرئ ذمّة ماهر، فانه مازال يقبع في السجن دون أن تتمّ محاكمته من جديد، وفي لقاء جمع  أخبار الجمهورية بوالد ماهر وهو السيد ساسي، أفادنا أن ابنه طالما ردّد طيلة عشر سنوات أنه بريء من تهمة القتل ولكن لم يسمع نداءه أحد، مضيفا أنه لم يتمكن من زيارة ابنه طيلة 7 سنوات، وبأن ماهر تعرض الى أبشع أنواع التعذيب حسب كلامه الى درجة كونه أصيب بمرض السرطان في احدى ساقيه  
واضاف محدثنا أن كل محاولاته لإعادة محاكمة ابنه من جديد باءت بالفشل، رغم أن شهادة المُرتكب الحقيقي للجريمة مُوثّقة، ورغم تقديمه شكايات عديدة للقضاء كما راسل الحكومات المتعاقبة دون أي جدوى.

رسالة الى رئيس الجمهورية لم تجد نفعا

وفي قضية ماهر وما عرفته من ظلم طيلة 13 سنة سبق لعدد من الناشطين الحقوقيين أن وجهوا رسالة الى رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي منادين بإطلاق سراح السجين ماهر المناعي، مؤكدين له براءته خاصة بعد الشهادة الصريحة التي تبرئ ماهر والتي لم تكن على ذمّة المحكمة عند إصدار الحكم بالإعدام.
الأستاذ الطيّب بالصادق: الكلمة الفصل لوزير العدل ورئاسة الجمهورية
وفي اتصال هاتفي مع محامي ماهر المناعي الأستاذ الطيّب بالصادق، أكد لنا أن الحالة الصحية لموكله تدهورت كثيرا وأنه فقد الرغبة في الحياة خاصة مع اصابته بالسرطان، وأضاف أن قضية ماهر ورغم وضوحها لم يتم الاذن فيها باعادة فتح البحث، مشيرا الى أن الفصلين 277 و278 من مجلة الاجراءات الجزائية ينصان على أن وزير العدل هو الوحيد المخول له اعادة فتح البحث اثر اكتشاف أدلة جديدة في قضية تم البتّ فيها، مؤكدا أنه تم خلال سنة 2012 التقدم بمطلب لاعادة فتح الملف وتم رفضه، وهو ما جعل رئاسة الجمهورية آنذاك ترفض تمتيع المناعي بعفو رغم أن المنصف المرزوقي أبدى في ذلك الوقت تعاطفه مع القضية ..نفس الأمر حصل خلال فترة رئاسة الباجي قائد السبسي، حيث ذكر الأستاذ بالصادق، أنه تم توجيه رسالة اليه وأنه التقاه شخصيا بخصوص هذه القضية لكنه لم يطرأ أي جديد فيها .
ومن المستجدات الأخرى في القضية هو أن الشاهد بدر الدين غادر بعد شهادته السجن حيث تم الحكم عليه بسنة سجنا بتهمة استهلاك «الزطلة» وعاد مؤخرا اليه بتهمة الترويج، مشيرا الى أن الشاهد بدأ يتراجع في أقواله خوفا من توجيه تهمة التستر في قضية قتل، كما أفادنا أنه تم مؤخرا العثور على الشاهد الثالث والذي قد يقلب الموازين في الملف.
وختم كلامه بأن هيئة الدفاع ستعتمد في هذه المرحلة على مستويين للضغط أولا على رئاسة الجمهورية وثانيا على مستوى وزارة العدل، كما أنه تم الاتصال مع عائلة الضحية وقد أبدى والده تعاطفه مع ماهر المناعي واعرب عن استعداده لمقابلته
ختاما، قضية ماهر المناعي ورغم كونها قضية حق عام فانها أخذت بعدا عالميا نظرا لما تعرض اليه هذا السجين من ظلم، وهنا نتساءل لماذا لا نهتم كثيرا بوضع سجناء الحق العام وما يمكن أن يتعرضوا له من مظالم على غرار اهتمامنا بقضايا الرأي العام والمساجين السياسيين؟

سناء الماجري